مهندس ونائب عمدة سابق: خلل جسيم وراء فيضانات آسفي
كشف المهندس والمستشار الجماعي عبد اللطيف سودو، عن معطيات تقنية خطيرة مرتبطة بفاجعة الفيضانات التي شهدتها مدينة آسفي والتي أودت بحياة 37 شخصا، محمِّلا مسؤولية ما وقع لخلل بنيوي وصفه بـ"الجسيم" في تدبير منفذ وادي الشعبة نحو البحر، وهو الخلل الذي ساهم، بحسبه، في تفاقم الأضرار وارتفاع منسوب المياه داخل المدينة العتيقة.
وأوضح سودو، وهو مهندس دولة متخصص في هندسة المياه، ونائب رئيس مجلس جماعة سلا سابقا، في تدوينة تحليلية مبنية على مشاهدات ميدانية ووثائق بصرية، أن وجود كتل خرسانية صناعية داخل منفذ الوادي شكل عائقا مباشرا أمام التدفق الطبيعي للمياه خلال فترة الفيضانات، ما أدى إلى اختناق المنفذ وتحول المنطقة المجاورة إلى ما يشبه بحيرة اصطناعية.
وأكد المتحدث، الذي شدّد على أن تدخله يندرج في إطار خبرته التقنية، بعيدا عن أي اعتبار حزبي أو انتخابي، أن هذه الكتل الخرسانية ليست مخصصة أصلا للاستعمال داخل المنافذ المائية، بل تُستخدم عادة في حماية السواحل من قوة الأمواج، حيث أضاف أن هذه الكتل، المعروفة بأشكال هندسية خاصة مثل "الأكروبود" و"الدولوس"و"كور لوك" وغيرها، تُصمَّم لتبديد طاقة الأمواج البحرية عبر تداخلها البنيوي، بهدف حماية البنيات التحتية الساحلية من التآكل.
وبحسب التوضيحات التقنية التي قدّمها سودو، وهو رئيس جمعية مهندسي حزب العدالة والتنمية، فإن وضع هذه الكتل داخل منفذ وادي الشعبة أدّى إلى تقليص كبير في صبيب المياه، حيث انخفضت القدرة الاستيعابية للمنفذ إلى أقل من 10 في المائة، وقد تصل في بعض الحالات إلى حدود 1 في المائة، خصوصا عند تعلق الأوحال والنفايات التي تحملها السيول بين الكتل الخرسانية وجوانب المنفذ.
وأردف المتحدث، أن هذا الوضع تسبب في تجمع كميات هائلة من المياه قبل نقطة التصريف، ما أدى إلى ارتفاع منسوبها داخل الأحياء المجاورة، خاصة بالمدينة العتيقة، محوّلا الفضاءات المنخفضة إلى مصائد مائية خطيرة، تشكّل تهديدا مباشرا لحياة المواطنين، لا سيما أولئك الذين لا يتقنون السباحة.
وأشار المهندس ذاته إلى أن هذا الخلل لا يمكن اعتباره تفصيلا تقنيا ثانويا، بل يُمثل عنصرا حاسما في تفسير ما وقع، لكونه مرتبطا مباشرة بوظيفة المنشأة المائية ودورها في تصريف السيول خلال الحالات القصوى، حيث اعتبر أن غياب الصيانة الدورية للمنفذ، وعدم إزالة هذه الكتل، يطرح علامات استفهام كبرى حول تدبير هذا المرفق الحيوي.
وفي هذا السياق، طرح المتحدث مجموعة من الأسئلة التي يرى أنها يجب أن تكون في صلب أي تحقيق جدي في الفاجعة، من بينها، "لماذا لم تتم صيانة منفذ الوادي وإزالة العوائق التي تسده؟ ومن الجهة التي قررت وضع هذه الكتل الخرسانية داخل المنفذ؟ وهل تم ذلك بفعل تدخل بشري مباشر، أم نتيجة تراكمها بفعل قوة الأمواج والعوامل الطبيعية عبر الزمن؟".
وأكد سودو أن الإجابة عن هذه الأسئلة تظل ضرورية لتحديد المسؤوليات، مشيرا إلى أن ما وقع يرقى، من الناحية التقنية، إلى خطأ جسيم كانت له آثار مباشرة على سلامة المواطنين، كما عبّر عن ثقته في أن تتولى النيابة العامة المختصة التحقيق في هذه المعطيات، من أجل ترتيب المسؤوليات القانونية والإدارية، في إطار احترام المساطر الجاري بها العمل.



